للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَخَذَ الشَّفْرَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إِلَى الكَعْبَةِ لِيَذْبَحَهُ فَمَنَعَتْهُ قُرَيْشٌ، وَلَا سِيَّمَا إخْوَتُهُ وأخْوَالُهُ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ.

فقَالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ: فَكَيْفَ أصْنَعُ بِنَذْرِي؟ فأشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ عَرَّافَةً بِالحِجَازِ، فَيَسْتَأْمِرَهَا فذَهَبَ إِلَيْهَا عَبْدُ المُطَّلِبِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا شَرَحَ لَهَا تَفَاصِيلَ القِصَّةِ، فَقَالَتْ: كَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: عَشَرَةٌ مِنَ الإِبِلِ، قَالَتْ: اضْرِبُوا القِدَاحَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وعَلَى عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَزِيدُوهَا عَشْرًا حتَّى يَرْضَى رَبُّهُ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ.

* فِدَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بِمِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ:

فَلَمَّا رَجَعُوا قَرَّبُوا عَبْدَ اللَّهِ، وعَشْرًا مِنَ الإِبِلِ فَخَرَجَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَزَادُوا عَشْرًا، فَخَرَجَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُ مِنَ الإِبِلِ عَشْرًا عَشْرًا، ولَا تَقَعُ القُرْعَةُ إلَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَنْ بَلَغَتِ الإِبِلُ مِائَةً (١) فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: لَقَدْ رَضِيَ رَبُّكَ يا عَبْدَ المُطَّلِبِ، فَقَالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ: لَا حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا بِالقِدَاحِ ثَلَاثًا، فَفَعَلَ، وفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَخْرُجُ القِدَاحُ عَلَى الإِبِلِ، ثُمَّ نُحِرَت وتُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إنْسَانٌ، ولَا طَيْرٌ ولَا سَبُعٌ (٢).


(١) روى ابن سعد في الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ٤١) عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: كانت الدِّيَةُ يومئذٍ عَشْرًا من الإبلِ، وعبد المطلبِ أوَّلُ من سَنّ ديةَ النَّفْسِ مائةً من الإبل، فجَرَتْ في قريش والعرب مائة من الإبل، وأقرَّها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما كانت عليه.
(٢) انظر الطبقات لابن سعد (١/ ٤١) - البداية والنهاية (٢/ ٦٥٠) - الرَّوْض الأُنُف (١/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>