للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُتَابِعُوهُ حَتَّى يَطَأَكُمْ بِهِمْ فِي بِلَادِكُمْ، فَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِكُمْ مَا أَرَادَ، دَبِّرُوا فِيهِ رَأْيًا غَيْرَ هَذَا.

فَقَالَ كَبِيرُ مُجْرِمي مَكَّةَ أَبُو جَهْلِ بنُ هِشَامٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ لَرَأْيًا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيِهْ بَعْدُ، قَالُوا: مَا هُوَ يَا أَبَا الحَكَمِ؟ .

قَالَ: أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابًّا جَلِيدًا (١) نَسِيبًا (٢) وَسِيطًا فِينَا، ثُمَّ نُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا (٣)، ثُمَّ يَعْمَدُوا إِلَيْهِ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَيَقْتُلُوهُ، فنَسْتَرِيحَ مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي القَبَائِلِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمُ جَمِيعًا، فَرَضُوا مِنَّا بِالعَقْلِ (٤)، فَعَقَلْنَا لَهُمْ.

فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ: القَوْلُ مَا قَالَ الرَّجُلُ، هَذَا الرَّأْيُ، لَا رَأْيَ غَيْرَهُ (٥)، وَوَافَقَ القَوْمُ عَلَى هَذَا الِاقْتِرَاحِ الآثِمِ بِالإِجْمَاعِ، وَرَجَعَ القَوْمُ إِلَى


(١) الجَلَد: القوة والصبر. انظر النهاية (١/ ٢٧٥).
(٢) رجُلٌ نَسِيب: أي ذو حَسَب. انظر لسان العرب (١٤/ ١١٩).
(٣) صَارمًا: أي قَاطعًا. انظر لسان العرب (٧/ ٣٣٢).
(٤) العَقْل: هو الدِّية، سميت بذلك لأن القاتل كان إذا قتل قَتِيلًا جَمع الدية من الإبل فَعَقَلها بفِنَاءِ أولياءَ المَقتول أي شدَّها فِي عَقْلِها؛ ليُسلمها إليهم، والعِقَال: هو الحبلُ الَّذي تُشَدُّ به الإبل حتَّى لا تُفْلت. انظر النهاية (٣/ ٢٥٢).
(٥) قلتُ: تأمَّلوا كيف جاء هذا الخبيثُ برأيٍ خَبِيثٍ لا يستطيع حتَّى الشَيطان أن يأتي بمثله، نسألُ اللَّه السلامةَ والعافيةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>