للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: فَحَصَلُوا في الفَضْلِ عَلَى ثَلاثِ مَرَاتِبَ:

١ - إيثَارُهُمْ عَلَى أنْفُسِهِمْ.

٢ - مُوَاسَاتُهُمْ لِغَيْرِهِمْ.

٣ - والاسْتِئْثَارُ عَلَيْهِمْ (١).

وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَاتِ: قَالَ تَعَالَى مَادِحًا لِلأَنْصَارِ، ومُبيِّنًا فَضْلَهُمْ، وشَرَفَهُمْ، وكَرَمَهُمْ، وعَدَمَ حَسَدِهِمْ، وإيثَارَهُمْ مَعَ الحَاجَةِ (٢).

وَلَمْ يَعْرِفْ تَارِيخُ البَشَرِيَّةِ كُلِّهِ حَادِثًا جَمَاعِيّا كحَادِثِ اسْتِقْبَالِ الأَنْصَارِ للمُهَاجِرِينَ. . . بِهَذَا الحُبِّ الكَرِيمِ، وبهَذَا البَذْلِ السَّخِيِّ، وبهَذِهِ المُشَارَكَةِ الرَّضِيَّةِ، وبِهَذَا التَّسَابُقِ إِلَى الإيوَاءِ واحْتِمَالِ الأعْبَاءِ. . . لَوْلَا أَنَّهَا وقَعَتْ بِالفِعْلِ، لَحَسِبَهَا النَّاسُ أحْلَامًا طَائِرَةً، ورُؤًى مُجْنَحَة، ومُثُلًا عُلْيَا، قَدْ صَاغَهَا خَيَالٌ مُحَلِّقٌ (٣).

وأخرج الإِمَامُ أحمَدُ في مُسْنَدِهِ وأَبُو دَاودُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- قال: قَالَ المُهَاجِرُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ما رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أحْسَنَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ، وَلَا أحْسَنَ مُوَاسَاةً في قَلِيلٍ، قَدْ كَفَوْنَا


(١) انظر فتح الباري (٥/ ٣٢٥).
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٨/ ٦٨).
(٣) انظر في ظلال القرآن (٨/ ٣٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>