للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِبَادَاتِ مِنَ الفَضَائِلِ، والأَجْرِ وَالثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ، وكَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْبِطُهُمْ بِالوَحْيِ النَّازِلِ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ رَبْطًا مُوثَقًا يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمْ، وَيَقْرَؤُونَهُ، لِتَكُونَ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إِشْعَارًا بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ الدَّعْوَةِ، وتَبِعَاتِ الرِّسَالَةِ، فَضْلًا عَنْ ضَرُورَةِ الفَهْمِ وَالتَّدَبُّرِ.

وهَكَذَا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعْنَوِيَّاتِ ومَوَاهِبَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وزَوَّدَهُمْ بِأعْلَى القِيَمِ والأَقْدَارِ والمُثُلِ، حَتَّى صَارُوا صُورَةً لِأَعْلَى قِمَّةٍ مِنَ الكَمَالِ عُرِفَتْ في تَارِيخِ البَشَرِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ.

ثُمَّ إِنَّ هَذَا الرَّسُولَ القَائِدَ الأَعْظَمَ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَتَمَتَّعُ مِنَ الصِّفَاتِ المَعْنَوِيَّةِ والظَّاهِرَةِ، ومِنَ الكَمَالَاتِ والمَوَاهِبِ والأَمْجَادِ والفَضَائِلِ ومَكَارِمِ الأَخْلَاقِ ومَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، بِمَا جَعَلَتْهُ تَهْوِي إِلَيْهِ الأَفْئِدَةُ، وتَتَفَانَى عَلَيْهِ النُّفُوسُ، فَمَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا ويبادِرُ صَحَابَتُهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- إلى امْتِثَالِهِ، ومَا يَأْتِي بِرُشْدٍ وتَوْجِيهٍ إِلَّا ويَتَسَابَقُونَ إلى التَّحَلِّي بِهِ.

بِمِثْلِ هَذَا اسْتَطَاعَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَبْنِيَ في المَدِينَةِ مُجْتَمَعًا جَدِيدًا، أرْوَعَ وأشْرَفَ مُجْتَمَعٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ، وَأَنْ يَضَعَ لِمَشَاكِلِ هَذَا المُجْتَمَعِ حَلًّا تَتَنَفَّسُ لَهُ


= وأخرج البخاري في صحيحه - رقم الحديث (١٤٧٤) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (١٠٤٠) (١٠٤) عن عبد اللَّه بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما يزَالُ الرجُل يسألُ الناس، حتى يأتِي يوم القيامة، ليس في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ".
مُزْعَةٌ: بضم الميم أي قِطْعَة. انظر النهاية (٤/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>