للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ أُوْتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ} (١).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: لَوْ كَانَ مَاءُ البَحْرِ مِدَادًا (٢) لِلْقَلَمِ الذِي تُكْتَبُ بِهِ كَلِمَاتُ رَبِّي وَحِكَمُهُ وآيَاتُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} أيْ لفَرَغَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنْ كِتَابَةِ ذَلِكَ {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ} أيْ بِمِثْلِ البَحْرِ آخَرٌ، ثُمَّ آخَرٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا، بُحُورٌ تُمِدُّهُ ويُكْتَبُ بِهَا، لَمَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ (٣).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَده، والطَّيَالِسِيُّ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ (٤) مِنَ اليَهُودِ يَوْمًا إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالُوا: يَا أبَا القَاسِمِ، حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ (٥) نَسْأَلُكَ عَنْهَا، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ.

فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ (٦)، ومَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى بَنِيهِ، لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ، لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الإِسْلَامِ".


(١) سورة الكهف آية (١٠٩) - والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٠٩) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب العلم - رقم الحديث (٩٩).
(٢) المِدَادُ: هو الحِبْر الذي يُكتب به. انظر لسان العرب (١٣/ ٥٢).
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٥/ ٢٠٤).
(٤) العِصَابَةُ: هم الجَمَاعَةُ من الناس من العَشَرَةِ إلى الأرْبَعين. انظر النهاية (٣/ ٢٢٠).
(٥) الخِلَالُ: الخِصَالُ. انظر لسان العرب (٤/ ٢٠١).
(٦) الذِّمَّةُ: هي العَهْدُ والضَّمَان. انظر النهاية (٢/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>