للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبِمَا أنَّ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ جُزْءٌ مِنَ التَّارِيخِ، والتَّارِيخُ إنَّمَا يتناقَلُهُ النَّاسُ عَنْ طَرِيقِ الأَخْبَارِ والتَّحْدِيثِ والسَّمَاعِ، فَمِنَ الطَّبِيعِيِّ أنْ تَعْتَرِي هَذِهِ الأَخْبَارَ دَرَجَاتُ الصِّحَّةِ والضَّعْفِ، ومِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أنْ قَيَّضَ لَهَا عُلَمَاءَ حُفَّاظًا أفْذَاذًا يُمَيزونَ بَيْنَ الصَّحِيحِ والضَّعِيفِ مِنَ الأخْبَارِ، والغَثِّ والسَّمِينِ مِنَ الحَوَادِثِ المُخْتَلِفَةِ.

قالَ الحَافِظُ العِرَاقِيُّ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في نَظْمِ السِّيرَةِ:

فَليعلم الطالب أن السِّيرا ... تجمع ما صَحْ وما قد أُنكرا

وقَالَ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيّ (٢) فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الحَافِظُ في الفَتْحِ:

وكُنْتُ قَدْ تَبِعْتُهُ -أي ابْنَ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ- فَذَكَرْتُ ذَلِكَ في السِّيرَةِ (٣)،


(١) هوَ الإمامُ الحَافظُ زَيْنُ الدِّينِ عبدُ الرَّحِيمِ العِرَاقيُّ، وُلد سنة خمس وعشرين وسبعمائة للهجرة، واشتَغَلَ بالعُلُومِ، وأحَبَّ الحديثَ، فأكْثَرَ مِنَ السَّمَاعِ، وتقدَّم في فَنِّ الحدِيثِ بِحَيْثُ كان شُيُوخُ عَصْرِهِ يبالغُونَ في الثَّناء عليه بالمَعْرِفَةِ.
لهُ نَظْمٌ في السِّيرة النَّبوِيَّة في ألْفِ بَيْتٍ.
تُوُفِّي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سنة ست وثمانمائة للهجرة. انظر شذرات الذهب (٩/ ٨٧).
(٢) هوَ الإمامُ الحافِظُ الحُجَّةُ عبدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِي الشَّافعي، وُلدَ في آخر سنة ثلاث عشرة وستمائة للهجرة، وتَفَقَّهَ بِدِمْياطَ وبَرَع، ثم طلبَ الحديث، وكتب العَالِي والنَّازل، وجمعَ فأوْعَى، وكان صَادقًا حافظًا متقنًا، توفي سنة خمس وسبعمائة للهجرة. له مُصنَّفاتٌ نَفِيسَةٌ، منها: "السِّيرة النَّبوِيَّة"، في مجلدٍ، وغَيرها. انظر تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي (٤/ ١٤٧٧).
(٣) الذي ذَكَرَهُ هوَ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في غزوَةِ حُنين على بَغْلَته المعروفة باسم: "دُلْدُلْ"، وهو قولُ ابنِ سعدٍ في طبقاته، والصَّحيح أنَّ البَغْلة التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- =

<<  <  ج: ص:  >  >>