للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا، فنَنْحَرَ الجَزُورَ (١)، وَنُطْعِمَ الطَّعَامَ، ونَسْقِيَ الخَمْرَ، وتَعْزِفَ عَلَيْنَا القِيَانُ، حَتَّى تَسْمَعَ بِنَا العَرَبُ وبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدًا بَعْدَهَا (٢).

وَلَكِنْ عَلَى رَغْمَ أَبِي جَهْلٍ قَامَ الأَخْنَسُ بنُ شُرَيْقٍ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ فَقَالَ: يَا بَنِي زُهْرَةَ! قَدْ نَجَّى اللَّهُ لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَخَلَّصَ لَكُمْ صَاحِبَكُمْ مَخْرَمَةَ بنَ نَوْفَلٍ، وَإِنَّمَا نَفَرتُمْ لِتَمْنَعُوهُ وَمَالَهُ، فَاجْعَلُوا بِي جُبْنَهَا (٣) وارْجِعُوا، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكُمْ بِأَنْ تَخْرُجُوا في غَيْرِ ضَيْعَةٍ، لَا مَا يَقُولُ هَذَا، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، فَرَجَعُوا مِنَ الجُحْفَةِ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا زُهْرِيٌّ وَاحِدٌ، وَكَانُوا حَوَالِي مِائَةِ رَجُلٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ (٤).

وَأَرَادَتْ بَنُو هَاشِمٍ الرُّجُوعَ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُنَا هَذِهِ العِصَابَةُ (٥) حَتَّى نَرْجِعَ.

وَمَضَى المُشْرِكُونَ نَحْوَ بَدْرٍ حَتَّى نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهَا وَرَاءَ كَثِيبٍ (٦) يَقَعُ بِالعُدْوَةِ (٧) القُصْوَى، عَلَى حُدُودِ وَادِي بَدْرٍ (٨).


(١) الجَزُور: البعير ذَكَرًا كان أو أنثى. انظر النهاية (١/ ٢٥٨).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٣٠) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ١٠٨).
(٣) الجُبْنُ والجَبَان: هو ضِدُّ الشجاعة والشجاع. انظر النهاية (١/ ٢٣٠).
كأنه يقول: إذا عُيِّرْتم بالإحْجَام عن القتال خَوفًا فاجعَلُوا مَردّ ذلك إليّ وإلى رَأْيِي.
(٤) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ٢٥٥).
(٥) العِصَابة: هم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين. انظر النهاية (٣/ ٢٢٠).
(٦) الكَثِيب: هو الرَّمل المستطيل المُحْدَوْدِب. انظر النهاية (٤/ ١٣٢).
(٧) العُدْوة: بالضم والكسر جانب الوادي. انظر النهاية (٣/ ١٧٦).
(٨) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٣٢) - الطبَّقَات الكُبْرى (١/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>