للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمُ مُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا، وَلَكُنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ، وعَنْ شِمَالِكَ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ، وَخَلْفَكَ (١).

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ المِقْدَادُ -رضي اللَّه عنه-: يَا اللَّهِ، وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا البَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا (٢)، وَلَوْ أمَرتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا (٣) إِلَى بِرْكِ الغُمَادِ فَعَلْنَا، فَشَأْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (٤).

يَقُولُ ابنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ قَوْلُ المِقْدَادِ (٥).

ثُمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أيُّهَا النَّاسُ"، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الأَنْصَارَ (٦)، فَفَهِمَتِ الأَنْصَارُ أَنَّهُ يَعْنِيهِمْ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه- سَيِّدُ الأَنْصَارِ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} - رقم الحديث (٣٩٥٢).
(٢) أصل الخَوْض: المشي في الماءِ وتحريكه. انظر النهاية (٢/ ٨٣).
(٣) يُقال: فلان تُضرَب إليه أكْبَادُ الإبل: أي يُرحَلُ إليه. انظر لسان العرب (١٢/ ١٢).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٢٩٦).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} - رقم الحديث (٣٩٥٢).
(٦) قَالَ ابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٢٧): وذلك لأن الأنصار كانوا عدد الناس، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رَسُول اللَّهِ إنا برآءُ من ذِمَامِكَ حتى تصلَ إلى ديارنا، فإذا وصلتَ إلينا فأنت في ذِمَّتِنَا نمنعُكَ مما نمنع منه أبناءنا ونِسَاءنا، فكان رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يتخَوَّف أن لا تكون الأنصار ترى عليها نَصْرَه إلا مِمَّن دَهَمَهُ -أي غَشِيَهم- بالمدينة من عدُوِّه، وأن ليس عليهم أن يَسِير بهم إلى عدو من بلادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>