للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِي أَخْبَرَنِي، فَهُمُ اليَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، لِلْمَكَانِ الذِي بِهِ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَ الذِي أَخْبَرَنِي صَدَقَنِي فَهُمُ اليَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، لِلْمَكَانِ الذِي بِهِ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَبَرِهِ، قَال: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَحْنُ مِنْ مَاءٍ" (١)، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، قَالَ الشَّيْخُ: مَا مِنْ مَاءٍ؟ أَمِنْ مَاءِ العِرَاقِ؟ ثُمَّ رَجَعَ رَسُول اللَّهِ إِلَى أَصْحَابِهِ (٢).

وَفِي مَسَاءِ ذَلِكَ اليَوْمِ بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ، وَسَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ، في نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى مَاءِ بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ خَبَرَ قُرَيْشٍ، فَوَجَدُوا رَوَايَا (٣) قُرَيْشٍ، وفِيهِمْ غُلَامٌ لِبَنِي الحَجَّاجِ أَسْوَدُ، فَأتَوْا بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَائِم يُصَلِّي، فَسَأَل أصْحَابُ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- غُلَامَ بَنِي الحَجَّاجِ عَنْ قَافِلَةِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ، فَقَال: أَمَّا أَبُو سُفْيَانَ، فَلَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، قَدْ جَاءَتْ، فَيَضْرِبُونَهُ، فَإِذَا ضَرَبُوهُ قَالَ: نَعَمْ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، فَإِذَا تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَال: مَالِي بِأَبِي سُفْيَانَ مِنْ عِلْمٍ، وَلكْن هَذِهِ قُرَيْش قَدْ جَاءَتْ، وَرَسُول


(١) هذه تَوْرِيَةٌ من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتورِيَة: هي أن يذكر شيئًا ويُريد غيره، يقال: ورَّيْت الخبر أُورَّيه توريةً: إذا سترته وأظهرت غيره. انظر لسان العرب (١٥/ ٢٨٣).
قلتُ: وإنما قصد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: (من ماء) أنه مَخْلُوق من ماء، وليس في هذا خلاف الحقيقة.
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٢٨).
(٣) الرَّوَايَا من الإبل: هي الحَوَامِلُ للماء، واحدتُهَا رَاوية، وراوِيَة لقريش: أي إبلهم التي كانوا يَسْتَقُون عليها. انظر النهاية (٢/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>