للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليَوْمَ أَيُّنَا الجَبَانُ (١).

وَتَعَجَّلَ أَبُو جَهْل لَعَنَهُ اللَّهُ، وَبَعَثَ إِلَى عَامِرٍ الحَضْرَمِيِّ -أخِي عَمْرٍو الحَضْرَمِيِّ المَقْتُولِ في سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنه- فَقَالَ لَهُ: هَذَا حَلِيفُكَ -أَيْ عُتْبَةُ- يُرِيدُ أَنْ يَرْجعَ بِالنَّاسِ، وَقَدْ رَأَيْتَ ثَأْرَكَ بِعَيْنِكَ، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ (٢)، وَمَقْتَلَ أخِيكَ، فَقَامَ عَامِرٌ يَصْرَخُ: وَاعَمْرَاهُ، وَاعَمْرَاهُ، فَحَمِيَ القَوْمُ، وَحَقِبَ (٣) أمْرُهُمْ، وَاسْتَوْسَقُوا (٤) عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، وَأَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ الرَّأْيَ الذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ عُتْبَةُ (٥). وَهَكَذَا تَغَلَّبَ الطَّيْشُ عَلَى الحِكْمَةِ.

* بَدْءُ القِتَالِ وَأَوَّلُ قَتِيلٍ في المَعْرَكَةِ:

قَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجَ الأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ المَخْزُومِيُّ (٦)، وَكَانَ رَجُلًا شَرِسًا (٧) سَيِّئَ الخُلُقِ، فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَشْرَبَنَّ مِنْ حَوْضِهِمْ، أَوْ لَأَهْدِمَنَّهُ، أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ، خَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا الْتَقَيَا ضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَأَطَنَّ قَدَمَهُ (٨) بِنِصْفِ سَاقِهِ، وَهُوَ دُونَ الحَوْضِ، فَوَقَع


(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٩٤٨) وإسناده صحيح.
(٢) الخَفْرَة: الذِّمَّة. انظر النهاية (٢/ ٥٠).
(٣) حَقِب أمرُ الناس: فَسَدَ. انظر النهاية (١/ ٣٩٥).
(٤) استَوْسَقُوا: استَجْمَعُوا وانْضَمُّوا. انظر النهاية (٥/ ١٦١).
(٥) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٣٥).
(٦) هذا الرجل أخو أبي سلمة بن عبدِ الأسد -رضي اللَّه عنه- زوج أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا التي تزوجها رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك.
(٧) يُقال: قوم فيهم شَرَس: أي نُفُور وسُوء خلق. انظر النهاية (٢/ ٤١١).
(٨) أطن قدمه: قطعها. انظر لسان العرب (٨/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>