للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالكين وَإِنَّمَا أُمُور الْحَرْب لَا تحْتَمل فِي التَّدْبِير إِلَّا الْوحدَة فَإِذا صَحَّ التَّدْبِير لم يحْتَمل فِي اللِّقَاء إِلَّا الْعدة فعوض عماد الدّين من بِلَاد الجزيرة سنجار وخابورها ونصيبين والرقة وسروج على أَن الْمَظَالِم تَمُوت فَلَا ينشر مقبورها والعساكر تنشر راية غزوها فَلَا يطوى منشورها

وَأجَاب الْخَادِم عماد الدّين إِلَى مَا سَأَلَ فِيهِ من أَن يُصَالح المواصلة مهما استقاموا لعماد الدّين لِأَنَّهُ لم يَثِق بهم وَإِن كَانَ لَهُم أَخا وَلم يطمئن إِلَى مجاورتهم إِلَى أَن يضْرب بَينه وَبينهمْ من عنايته برزخا فليلح الْآن عذر الْأَجْنَبِيّ إِذا لم يَثِق ولتكن هَذِه مصحية من عوتب فِي سكره حسن الظَّن فَلم يفق وَمن شَرطه على المواصلة المعونة بعسكرهم فِي غَزَوَاته وَالْخُرُوج عَن الْمَظَالِم فَمَا زَاد على أَن قَالَ سالموا مُسلما وحاربوا كَافِرًا واسكنوا لتَكون الرّعية سَاكِنة وأظهروا ليَكُون حزب الله ظَاهرا

وَهَذِه الْمَقَاصِد الثَّلَاثَة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله والكف عَن مظالم عباد الله وَالطَّاعَة لخليفة الله هِيَ مُرَاد الْخَادِم من الْبِلَاد إِذا فتحهَا ومغنمه من الدُّنْيَا إِذا منحها وَالله الْعَالم أَنه لَا يُقَاتل لعيش أَلين من عَيْش وَلَا لغضب يمْلَأ الْعَنَان من نزق وطيش وَلَا يُرِيد إِلَّا هَذِه الْأُمُور الَّتِي قد توسم أَنَّهَا تلْزم وَلَا يَنْوِي إِلَّا هَذِه النِّيَّة الَّتِي هِيَ خير مَا يسطر فِي الصَّحِيفَة ويرقم

وَكتب الْخَادِم هَذِه الْخدمَة بعد أَن بَات بحلب لَيْلَة وَخرج مِنْهَا إِلَى حارم وَكَانَت استحفظت مَمْلُوكا لَا يملكهُ دين وَلَا عقل غرا مَا هذبته نفس وَلَا أهل فَاعْتقد أَن يُسَلِّمهَا إِلَى صَاحب أنطاكية يسر الله فتحهَا اعتقادا صرح بِفِعْلِهِ وشهره بكتبه وَرُسُله وواطأ على ذَلِك نَفرا من رجال يعْرفُونَ بالشمسية لَا يعْرفُونَ خَالِقًا إِلَّا من عرفوه رازقا وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا لمن يرونه فِي نهر النَّهَار سابحا وَفِي بَحر الظلام غارقا فشعر بِهِ من فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>