للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستخار الله تَعَالَى وَسَار وَعدم الْقَرار وَذَلِكَ يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشري ربيع الآخر والفرنج سائرون إِلَى طبرية بقضهم وقضيضهم وهم كالجبال السائرة والبحار الزاخرة أمواجها ملتطمة وأفواجها مزدحمة فرتب السُّلْطَان فِي مقابلتهم أطلابه وَحصل بعسكره قدامهم وحجز بَينهم وَبَين المَاء وَالْيَوْم قيظ وَلِلْقَوْمِ غيظ وحجز اللَّيْل بَين الْفَرِيقَيْنِ وحجرت الْخَيل على الطَّرِيقَيْنِ وهيئت دركات النيرَان وهنئت دَرَجَات الْجنان وانتظر مَالك واستبشر رضوَان فَهِيَ لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر تنزل فِيهَا الْمَلَائِكَة وَالروح وَفِي سحرها نشر الظفر يفوح وَفِي صباحها الْفتُوح فَمَا أبهجنا بِتِلْكَ اللَّيْلَة الفاخرة فقد كُنَّا مِمَّن قَالَ الله تَعَالَى فيهم {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا وَحسن ثَوَاب الْآخِرَة} وبتنا وَالْجنَّة معروضة وَالسّنة مَفْرُوضَة والكوثر واقفة سقاته والخلد قاطفة جناته والسلسبيل وَاضح سَبيله والإقبال ظَاهر قبيله والظهور قَائِم دَلِيله وَالله نَاصِر الْإِسْلَام ومديله

وسهر السُّلْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى عين الجاليشية من كل طلب وملأ جعابها وكنائنها بالنبال وَكَانَ مَا فرقه من النشاب أَربع مئة حمل ووقف سبعين جمازة فِي حومة الوغى يَأْخُذ مِنْهَا من خلت جعابه وَفرغ نشابه حَتَّى إِذا أَسْفر الصَّباح خرج الجاليشية تحرق بنيران النصال أهل النَّار ورنت القسي وغنت الأوتار ذَاك وَالْيَوْم ذَاك والجيش شَاك وللقيظ عَلَيْهِم فيض وَمَا للغيظ مِنْهُم غيض وَقد وَقد الْحر واستشرى الشَّرّ وَوَقع

<<  <  ج: ص:  >  >>