للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأحد تِلْكَ المراكب قد ركب برج فَوق صاريه لَا يطاوله طود وَلَا يباريه وَقد حشي حشاه بالنفط والحطب وضيق عطنه لسعة العطب حَتَّى إِذا قرب من برج الذبان والتصق بشرفاته أعدى إِلَيْهِ بآفاته ورميت فِيهِ النَّار فَاحْتَرَقَ وَاحْتَرَقَ من الأخشاب والستائر مَا بِهِ الْتَصق وتستولي النَّار على مَوَاقِف الْمُقَاتلَة فتباعدوا عَنْهَا وَلم يقربُوا مِنْهَا وَأوقدت بطسة الْحَطب الَّتِي من وَرَائِهَا وعادت على الفرنج فالتهبوا وحمي عَلَيْهِم الْحَدِيد فاضطرموا واضطربوا وانقلبت بهم السَّفِينَة فاحترقوا وغرقوا والناجون مِنْهُم فارقوا وَفرقُوا وَلم يفرقُوا واحتمى برج الذبان فَلم يطر من بعْدهَا عَلَيْهِ ذُبَاب وَلم يفتح لِلْعَدو فِي الكيد لَهُ بَاب

وَمن كتاب إِلَى سيف الْإِسْلَام بِالْيمن وَمن حَدِيث البرج أَنه يُحِيط بِهِ الْبَحْر من جوانبه وَهُوَ قفل ميناء الثغر على مراكبه وَقد رفعناه وأعليناه وبالعدد وَالرِّجَال قويناه فعمدوا إِلَى أكبر بطسة وَاتَّخذُوا فِيهَا مصقالا كَأَنَّهُ سلم وَهُوَ فِي مقدمها مركب مقدم وَقد جعلوها بِحَيْثُ إِذا قربت إِلَى البرج ركب رَأس السّلم على شراريفه وَصعد الرِّجَال إِلَيْهِ فِي تجاويفه وتعبوا فِي ذَلِك أَيَّامًا وأشبعوه توثيقا وإحكاما حَتَّى إِذا الْتَصق بالبرج ألصقت بِهِ قَوَارِير النفط وتوالت أمطار البلايا من الجروخ والمنجنيقات على أُولَئِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>