للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَلما أحس الْعَسْكَر الشَّرْقِي بالشتاء أبدوا خلق السَّآمَة وضجروا من الاقامة فَأَما عماد الدّين صَاحب سنجار فانه عرف كَرَاهِيَة السُّلْطَان لفراقه فَلم يجر إِلَّا على وفاقه وَأما صَاحب الجزيرة سنجر شاه فَإِنَّهُ استطال الْمقَام وأباه وَدخل يَوْم عيد الْفطر على السُّلْطَان فَقبل يَده وودعه من غير سَابِقَة الاسْتِئْذَان فأغضبه انْفِصَاله وساءه ارتحاله وَكَانَ تَقِيّ الدّين واصلا فلقي صَاحب الجزيرة عَنَّا فاصلا فَرده عَن طَرِيقه وجد فِي تعويقه وَرجع بِهِ إِلَى الرِّضَا وَعَفا الله عَمَّا مضى

وَقَالَ القَاضِي ترددت رسله ورقاعه إِلَى السُّلْطَان فِي طلب الدستور وَالسُّلْطَان يعْتَذر بِأَن رسل الْعَدو متكررة فِي معنى الصُّلْح وَلَا يجوز أَن تنفض العساكر حَتَّى نتبين على مَاذَا ينْفَصل الْحَال من سلم أَو حَرْب

فَلَمَّا كَانَ يَوْم عيد الْفطر دخل على السُّلْطَان وَهُوَ ملتاث الْجِسْم فَقبل يَده وَخرج وسارمن سَاعَته وَمَعَهُ أَصْحَابه فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان صَنِيعه كتب إِلَيْهِ إِنَّك أَنْت قصدت الانتماء إِلَيّ ابْتِدَاء وراجعتني فِي ذَلِك مرَارًا وأظهرت الخيفة على نَفسك وبلدك من أهلك فقبلتك وآويتك ونصرتك فبسطت يدك فِي أَمْوَال النَّاس وَدِمَائِهِمْ وأعراضهم فنفذت إِلَيْك ونهيتك عَن ذَلِك مرَارًا فَلم تَنْتَهِ فاتفق وُقُوع هَذِه الْوَاقِعَة للاسلام فدعوناك فَأتيت بعسكر قد عَرفته وعرفه النَّاس وأقمت هَذِه المديدة وقلقت هَذَا القلق وتحركت بِهَذِهِ الْحَرَكَة وانصرفت عَن غير طيب نفس وَغير فصل حَال مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>