للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزهق لهول منظرهم ودام الْحَال على ذَلِك إِلَى بعد صَلَاة الظّهْر ثمَّ اشْتغل بتغسيله وتكفينه فَمَا مكنا أَن ندخل فِي تَجْهِيزه مَا قِيمَته حَبَّة وَاحِدَة إِلَّا بالقرض حَتَّى فِي ثمن التِّبْن الَّذِي يلت بِهِ الطين وغسله الدولعي الْفَقِيه وندبت إِلَى الْوُقُوف على غسله فَلم يكن لي قُوَّة تحمل ذَلِك المنظروأخرج بعد صَلَاة الظّهْر فِي تَابُوت مسجى بِثَوْب فوط وَكَانَ ذَلِك وَجَمِيع مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ من الثِّيَاب فِي تكفينه قد أحضرهُ الْفَاضِل من وَجه حل عرفه

وَارْتَفَعت الْأَصْوَات عِنْد مشاهدته وَعظم الضجيج حَتَّى إِن الْعَاقِل يتخيل أَن الدُّنْيَا كلهَا تصيح صَوتا وَاحِدًا وَغشيَ النَّاس من الْبكاء والعويل مَا شغلهمْ عَن الصَّلَاة وَصلى عَلَيْهِ النَّاس أَرْسَالًا وَكَانَ أول من أم بِالنَّاسِ القَاضِي محيي الدّين بن الزكي ثمَّ أُعِيد رَحمَه الله عَلَيْهِ إِلَى الدَّار الَّتِي فِي الْبُسْتَان الَّتِي كَانَ متمرضا بهَا وَدفن فِي الصّفة الغربية مِنْهَا وَكَانَ نُزُوله فِي حفرته قَرِيبا من صَلَاة الْعَصْر ثمَّ نزل فِي أثْنَاء النَّهَار وَلَده الظافر وعزى النَّاس فِيهِ وَسكن قُلُوب النَّاس

وَكَانَ النَّاس قد شغلهمْ الْحزن والبكاء عَن الِاشْتِغَال بالنهب وَالْفساد فَمَا يُوجد قلب إِلَّا حَزِين وَلَا عين إِلَّا باكية إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ رَجَعَ النَّاس إِلَى بُيُوتهم أقبح رُجُوع وَلم يعد منا أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>