للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيع الْأُمَرَاء كَانُوا لَا يَقْعُدُونَ عِنْد نور الدّين إِلَّا أَن يَأْمُرهُم أَو أحدهم بذلك إِلَّا نجم الدّين فَإِنَّهُ كَانَ إِذا دخل إِلَيْهِ قعد من غير أَن يُؤمر بذلك

فَلَمَّا كَانَ سنة تسع وَخمسين عزم نور الدّين على إرْسَال العساكر إِلَى مصر وَلم ير لهَذَا الْأَمر الْكَبِير أقوم وَلَا أَشْجَع من أَسد الدّين فسيره

وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَن شاور بن مجير أَبَا شُجَاع السَّعْدِيّ وَهُوَ الملقب أَمِير الجيوش الَّذِي يَقُول فِيهِ عُمارة من جملَة قصيدة

(ضجر الْحَدِيد من الْحَدِيد وشاور ... فِي نصر آل مُحَمَّد لم يضجر)

(حلف الزَّمَان ليَأْتِيَن بِمثلِهِ ... حنثت يَمِينك يَا زمَان فَكفر)

وَهُوَ وَزِير الملقب بالعاضد لدين الله آخر المستخلفين بِمصْر كَانَ قد وصل إِلَى دمشق فِي سنة ثَمَان وَخمسين فِي سادس ربيع الأول إِلَى نور الدّين مستنجداً بِهِ على من أَخذ مِنْهُ منصبه قهرا

وَكَانَت عَادَة المصريين أَنه إِذا غلب شخص صَاحب المنصب وَعجز صَاحب المنصب عَن دَفعه وَعرفُوا عَجزه وَقَعُوا للقاهر مِنْهُم ورتبوه ومكنوه فَإِن قوتهم إِنَّمَا كَانَت تكون بعسكر وزيرهم وَهُوَ الملقب عِنْدهم بالسلطان وَمَا كَانُوا يرَوْنَ المكاشفة وأغراضهم مستتبة وقواعدهم مُسْتَقِرَّة من أول زمانهم على هَذَا الْمِثَال

وَكَانَ شاور قد غلب على الوزارة وانتزعها من بني رزيك وَقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>