للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرحنا إِلَيْهِم رسل المنايا من النشاب وقصدنا أَخذ الأبراج والبيوت تُؤْتى فِي الْحَرْب من غير الْأَبْوَاب وَتَقَدَّمت إِلَيْهِم نقابة الحلبية فباتت لَيْلَتهَا تساوره وتراجعه بألسنة المعاول وتشاوره وأسفر الصُّبْح وَقد أمكن تَعْلِيقه وتيسر تحريقه فأودعنا تِلْكَ الْعُقُود آلَات الْوقُود فَلم يكن إِلَّا مِقْدَار اشتعالها حَتَّى خرّ صَرِيعًا سَرِيعا وعفرّ بَين أَيْدِينَا سَامِعًا مُطيعًا وانتظمت الرِّجَال على أحجاره وتواثبت إِلَى أَمْثَاله من الأبراج وأنظاره فحصلت فِي القبضة وَعجز من كَانَ فِيهَا عَن النهضة واحتكم فِيهَا الْعَذَاب بِالسَّيْفِ وَالنَّار وضاق عَلَيْهِم مجَال النَّفس والقرار

واستقبلنا يَوْم الْخَمِيس نقب القلعة وَتَقْدِيم المنجنيق وتيسير السَّبِيل لِلْقِتَالِ وتخليص الطَّرِيق هَذَا والكسوب والنهوب قد امتارت مِنْهَا العساكر وَخرجت فِيهَا مكنونات الذَّخَائِر وأشبه الْيَوْم يَوْم تُبلى السرائر وطهر الأَرْض مِنْهُم بِالدَّمِ المائر

فَلَمَّا كَانَ بكرَة الْجُمُعَة وردتنا الْأَخْبَار بِأَن الْملك قد زحف من غَزَّة فِي فارسه وراجله ورامحه ونابله وحشود دياره وجنود أنصاره فَرَكبْنَا مستبشرين بزحفه موقنين بحتفه ولقيناه فأحطنا من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وناوشته الْخَيل الطِّراد وَأَحْدَقَتْ بِهِ أحداق الأغلال بالأجياد وانتظرت حَملته الَّتِي كَانَ لَهَا قبل ذَلِك الْيَوْم موقع وصدمته الَّتِي لَهَا من رجال الْحَرْب مَوضِع فَمَلَأ الله قلبه رعْبًا وثنى صدقه كذبا وَلم يزل يخاتل وَلَا يُقَاتل ويواصل الْمسير وَلَا يصاول وَالْقَتْل فِي أعقابه وأيدي السيوف وسواعد الرماح لَا تني فِي عِقَابه حَتَّى تحصّل فِي الدَّيْر هُوَ وخيله وَرجله

<<  <  ج: ص:  >  >>