للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلطف للأحوال فَلم ينجع فيهم حَال وَكَانُوا فِي كلّ يَوْم يعزمون على لِقَائِه وقتاله فَيبْطل عزيمتهم بمراسلة يفتعلها تسويفا للأوقات وتقطيعا للزمان حَتَّى يقدم عَلَيْهِ عسكره وَكَانَت هيبته قد مَلَأت صُدُور الْقَوْم وَلَوْلَا ذَلِك لكانوا قد ناهزوا الفُرصة ونالوا مِنْهُ الْغَرَض

قَالَ وَفِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر شهر رَمَضَان الْتَقَوْا وَلم يكن بعد وصل السُّلْطَان من عسكره أحد فتجمع أَصْحَاب السُّلْطَان كردوسا وَاحِدًا وَأخذُوا يحملون يمنة ويسرة ويدافعون الْأَوْقَات رَجَاء أَن يتَّصل بهم بعض الْعَسْكَر وضرى عَسْكَر حلب والعسكر الموصليّ على أَصْحَاب السُّلْطَان حِين شاهدوا قلتهم واجتماعهم وَكَاد أَصْحَاب السُّلْطَان يولون الإدبار فوصل تَقِيّ الدّين عمر عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ لتَمام سَعَادَة السُّلْطَان فَإِنَّهُ لَو تَأَخّر سَاعَة انْكَسَرَ عسكره فوصل تقيّ الدّين فِي عَسْكَر مصر وَجَمَاعَة من الْأُمَرَاء وهم غير عَالمين بِأَن الْحَرْب قَائِمَة فَلَمَّا رَأَوْا النَّاس فِي الكرّ وَالضَّرْب الهبر حملُوا جَمِيعًا بعد أَن افْتَرَقُوا فِي الميمنة والميسرة فصدموا عَسْكَر الْموصل صدمة ضعضعتهم

وَكَانَ السُّلْطَان فِي هَذِه الْمدَّة قد كَاتب جمَاعَة من عَسْكَرهمْ واستفسدهم إِلَيْهِم وَحمل إِلَيْهِم الْأَمْوَال وَهَذَا هُوَ الَّذِي بطأ بهم إِلَى أَن وصلت عساكره وَإِلَّا لَو كَانَ عَسْكَر حلب نصح لم يقدر السُّلْطَان على الثُّبُوت سَاعَة فَلَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَال لم تنصح الْجَمَاعَة الَّتِي كاتبها السُّلْطَان بل كَانُوا مثبطين مخوفين لمن قرُب مِنْهُم ثمَّ إِنَّهُم بعد ذَلِك انْهَزمُوا وتبعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>