للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوق وصفي وأني لا أقدر أن أقوم بواجب حقهم ولا أوفي، ولكن جرأني عليهم قصد التشبث بأذيالهم واستجلاب عطفهم وإقبالهم والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد واسطة عقدهم ومركز دائرة مجدهم وعلى آله وصحبه والتابعين وسائر أئمة الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[فصل]

١٧٣٤ - اعلم أني ذكرت فيما تقدم مشايخي الذين هم الآباء في الدين والوصلة بيني وبين رب العالمين وبقي علي ذكر أب الماء والطين، لأكون قد أديت المطلوب ووفيت بالمرغوب من الثناء عليهم والشكر لهم والله ولي التوفيق وعليه فأقول إني لما حفظت القرآن العظيم على نحو ما تقدم شرحه طرأ على والدي ما كدر حالي وغيّر بلبالي ودام ذلك نحو أربع سنوات لم يقع فيها مني التفات لقراءة العلوم وصار الالتفات إلى ذلك في حكم المعدوم لحصول ارتباك في ثروته سببه ركونه لظالم وهو الوزير مصطفى بن إسماعيل قال عز ذكره: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} وبعد ذلك تحسن الحال والحمد لله على كل حال. ووالدي رحمه الله هو محمَّد بن عمر بن قاسم مخلوف الشريف ينتهي نسبه للشيخ عمر مخلوف الآتي ذكره في الخاتمة كان يؤثرني على إخوتي واعتنى بتربيتي وتهذيبي حتى حصل على مرغوبه واتصل بمطلوبه وكانت وفاته في غرة شعبان سنة ١٣٠٣ هـ ودفن حذو قبر جده عمر المذكور وكان محباً للعلماء والمنتسبين والأولياء والصالحين، كثير الزيارة لهم، والتردد عليهم، فعادت بركته وبركتهم عليّ في الدنيا وإن شاء الله في الأخرى كذلك وممن عادت بركته علينا الشيخ الصالح المجذوب المشهور إبراهيم الهبردي الورداني كان والده ذا ثروة وزهد في ميراثه فيه وذهب للمنستير وأقام به ما يربو على العشرة أعوام وغالب إقامته بدارنا ومن زهده أنه لم يعلم أنه لبس غير الحرام المرقع ولم يعلم أنه أخذ درهماً من أحد بطلب أو بدون طلب وله كرامات ظاهرة كثيرة متواترة ولما طعن في السن رفعه أهل بلده إلى مسقط رأسه وبه توفي سنة ١٣٠٤ هـ ودفن بزاويته المقصودة بالزيارة حتى الآن ولما انتهى دور تلك السنوات وتبدلت الأحوال زودني والدي بالدعاء الصالح والمال بقصد الترحال إلى الحاضرة المحروسة ويسّر الله البلوغ إلى رحابها المأنوسة في جمادى الأولى سنة ١٢٩٩ هـ وبعد أن حصلت على المنزل الذي هو الركن الأول دخلت جامع الزيتونة لأقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه ووجدت به سادة أئمة قادة يهتدون بهم في ظلم الجهل المدلهمة صدور علم وفرسان، كلام في ميدان نثر ونظام أشرقت شموس فضائلهم في ميدان السعود ونظموا في سلك الفصائل تنظيم الدر في أسلاك العقود

<<  <  ج: ص:  >  >>