للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمَّد وآله وسلم

[تمهيد]

ذكرنا فيما تقدم ما أمكن ذكره من التراجم والمناقب لبعض الصحابة والتابعين، والأئمة المهتدين، والعلماء المشهورين. وهم نحو الثمانية عشر ومائة. من أعز فريق وأفضل فئة، في طبقات على الترتيب الذي قصدناه، والأسلوب الذي أصَّلناه. غير أن ما ذكرناه، بالنسبة إلى ما تركناه، قليل وما لا يذكر كله لا يترك قله. وعين الرحمة، وينبوع كل فضيلة وحكمة. هو واسطة عقدهم، ومركز دائرة مجدهم - صلى الله عليه وسلم - وكرم وعظم. وفي سلك تلك الطبقات الكثير من الصحابة والتابعين، والقراء والمحدثين، والأئمة المجتهدين، والعلماء المقلدين، والصوفية والمتكلمين، والشعراء واللغوين والنحويين، والقضاة والأمراء والسلاطين، والملوك العادلين. وهؤلاء السادات، قاموا بالواجبات، التي هي غاية الغايات. تهم المسلمين في دينهم ودنياهم، وبها تحصل السعادة في أخراهم. فمنهم من ساس الأمة وقادها، وبيّن ما لها وما عليها وأفادها. وجاب البلاد، وهذّب العباد، وأزال البغي والفساد، واستوسع في الفتوحات، حتى دخل الناس في هذا الدين الحنيف أفواجاً أفواجاً من سائر الجهات، ومنهم مَن حثّ على الجد والكد والاستمرار على الأعمال، بما يعود بالفائدة في الحال والمآل. وِقد امتن الله سبحانه على عبيده في غيرة آية فقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: ١٣]، وقال عليه الصلاة والسلام: "اعمل عمل امرئ يظن أن لا يموت أبداً، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غداً" رواه البيهقي عن ابن عمر. ومنهم من ألف في الفن الذي جنح إليه، وعول في التحصيل عليه. ففسر وقرر ووضح، وبيَّن ورجح، ورتب وهذّب ونقح، وعدل وجرح. واستعمل ما لديه من الوسائل، وأيد ذلك بالبراهين والدلائل, والمنقول والمعقول، وكل مفيد يمكن به الوصول. فأحاط بما ألّف خبراً، ودون

<<  <  ج: ص:  >  >>