للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزعوا ما كان عليهم. وكان ممن وفد عليه من ملوك اليمن ذو الكلاع ملك حمير ومعه ألف عبد دون ما كان معه من عشيرته وعليه التاج وما وصفنا من البرود والحلي فلما شاهد من أبي بكر ما وصفنا ألقى ما كان عليه وتزيا بزيه حتى إنه رؤي يوماً في سوق من أسواق المدينة وعلى كتفيه جلد شاة ففزعت عشيرته وقالوا له فضحتنا بين المهاجرين والأنصار قال: أفأردتم أن أكون ملكاً جباراً في الإسلام لا والله لا تكون طاعة الرب إلا بالتواضع والزهد. قال المسعودي: وتواضعت الملوك ومن ورد عليه من الوفود بعد التكبر وذلوا بعد التجبر لا جرم أن قدوة الأمم رؤساؤها، وقادتها إلى الخير والشر ملوكها ولم يرنا التاريخ مصارع قوم هلكى بشقاء الحياة إلا بملوكهم كما لم يرنا تسود قوم وتمتعهم بسعادة الحياة إلا إذا استقام ملوكهم.

هذه كانت الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر رضي الله عنه على وجه الإجمال {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)}.

[خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ونبذة من سيرته]

الخليفة الثاني الفاروق الأعظم أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم ذكر نسبه في صدر المقصد. شبّ على الشجاعة والنجدة. كان المسلمون في أوائله في حاجة إلى ذوي العصبية والإقدام من رجالات قريش ليستطيعوا إعلان دينهم والذب عن نبيهم وكان ممن عرف في قريش بنفوذ الكلمة والبطش وسمو المكانة عمر بن الخطاب وأبو جهل وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوقع خيراً للمسلمين بإسلام أحد هذين الرجلين لهذا قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام" يعني أبا جهل. فاستجاب الله سبحانه دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأحب الرجلين إليه عمر بن الخطاب فأسلم في ذي الحجة لمضي

<<  <  ج: ص:  >  >>