للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفن فيها أبو بكر قام عمر فانتدب الناس وأول منتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي انتدبه رضي الله عنه أميراً على الجيش وخرج في أوائل جمادى الآخرة سنة ١٣ ومعه سعيد بن عبيد وسليط بن قيس والمثنى بن حارثة فتقدمهم للحيرة ووقع القتال بين المسلمين والعدو بالقمارق وكان النصر حليف المسلمين، ولما انهزم العدو أخذ في أثره إلى كسكر ثم إلى الحيرة ووقعت مقاتلة على جسر الفرات انهزم فيها المسلمون وقتل فيها أبو عبيد وسليط وجرح المثنى، ولما انتهى خبر الهزيمة إلى عمر رضي الله عنه اشتد عليه الأمر، ثم إن المثنى جمع القبائل التي حوله وبعث عمر رضي الله عنه البعوث وأمر عليهم أمراء كعرجفة بن هرثمة من زعماء العرب. أما الفرس فإنهم لما أحسوأ باجتماع العرب جمعوا كلمتهم بعد أن كانت في حال ارتباك وجمعوا جيشاً كثيفاً بالبويب أميره مهران ثم التحم القتال بين الفريقين واشتد الحال إلى أن آل الأمر إلى اضطراب جيش العدو وقتل مهران وتم ذلك بحسن قيادة البطل الجليل المثنى بن حارثة ومات من أعلام المسلمين في هاته الوقعة ناس منهم: خالد بن هلال ومسعود بن حارثة أخو المثنى، ولما فرغ المثنى من أمر البويب وتشتت أمور الفرس وعاد جرير بن عبد الله البجلي من غزاته فرق المثنى جنوده في السواد وأخذ يستخضع البلاد التي عصت من قبل وكانت له وقائع كثيرة مع العرب ظفر بها المسلمون ما شاؤوا من متاع ومال وبلغت غارتهم شرقاً قرب مدائن فارس وشمالاً إلى الجزيرة فأوقعوا الرعب في قلوب الأعداء حتى قام لذلك الفرس وقعدوا وأجمعوا على تأمير يزدجرد والتجهيز لحرب المسلمين، ولما بلغ المثنى ذلك كتب للخليفة بذلك ولما وصل إليه الخبر كتب إلى عماله على العرب والكور يستحثهم على الاستنفار ووافاه بعض القبائل إلى المدينة وبعض القبائل انضموا إلى المثنى ورأى من السداد أن لا يفوته أمر خاصة المسلمين وعامتهم فيمن يوليه أمر هذه الحرب فاستدار العامة فأشاروا عليه بالمسير بنفسه والخاصة فأشاروا عليه بتسليم القيادة لغيره وبقائه بالمدينة وبعد استشارتهم قام خطيباً فقال:

"أما بعد فإن الله عزّ وجل جمع على الإِسلام أهله فألّف بين القلوب وجعلهم فيه إخوانًا والمسلمون فيما بينهم كالجسد لا يخلو منه شيء من شيء أصاب غيره وكذلك يحق على المسلمين أن يكونوا وأمرهم شورى بينهم وبين ذوي الرأي منهم فالناس تبع لمن قام بهذا الأمر ما أجمعوا عليه ورضوا به لزم الناس وكانوا فيه تبعاً لهم ومَن قام بهذا الأمر تبع لأولي رأيهم ما رأوا لهم ورضوا به لهم. أيها الناس، إني كنت كرجل منكم حتى صرفني ذوو الرأي منكم عن الخروج فقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلاً وقد أحضرت لهذا الأمر من قدمت ومن خلفت" اهـ. ويعني بمن خلف

<<  <  ج: ص:  >  >>