للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يبعث بها إلى المدينة إلى صرت العناية في ترتيب الشؤون الإدارية على أصول الدول المترقية يومئذ كفارس والروم. وإنما كانت العناية منصرفة إلى الشؤون الحربية والفنون العسكرية، ولما توسع المسلمون في الفتح انتشروا في الممالك وكثرت موارد الدولة وتبسطت في مناحي العمران وأخذ يزداد الفيء من الخراج والجزية زيادة لا طاقة للخليفة وأمرائه بضبطها, ولا قبل لهم بإحصاء مستحقيها، وتوزيع الأعطيات (المرتبات) على أربابها بالعدل إلا بضبطها وترتيبها على أصول ثابتة وقيدها في قيود خاصة. دعا عمر رضي الله عنه الصحابة واستشارهم في تدوين الديوان، وحيث كانت النتيجة الموافقة على رأيه دعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من نبهاء قريش فأمرهم بتدوين الديوان ففعلوا. والديوان هو الدفتر أو مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية كما في القاموس، وتوسعوا بمسماه فأطلقوه على كل دفاتر الحكومة الإدارية وغيرها ثم على المكان الذي يكون فيه الديوان فسموه ديواناً.

ومنها ترتيب العمال وتقسيم الولايات، ومنها اتخاذ دار الدقيق يعين به المنقطع، ومنها توسعة المسجد النبوي، ومنها ضرب النقود. كان العرب قبل الإِسلام تتعامل بالنقود الفارسية والرومية من الدراهم واستمر ذلك إلى صدر من خلافة عمر فلما كانت سنة ١٥ هجرية ضرب عمر الدراهم على نقش الكسروية وشكلها، غير أنه زاد في بعضها الحمد لله. وفي بعضها محمد رسول الله وجعلها كل عشرة دراهم بزنة سبعة مثاقيل ذكر ذلك المقريزي في النقود الإِسلامية، ولم يضرب رضي الله عنه الدينار وضربُه إنما كان على عهد عبد الملك بن مروان. ومنها اتخاذ بيت المال، ومنها قيام شهر رمضان، ومنها العقاب على الهجاء، ومنها الجلد في الخمر ثمانين، ومنها وضع البريد وهو اسم للمسافة التي بين كل محطة من محطات البريد وهي أربعة فراسخ أو اثنا عشر ميلاً ثم أطلق على حامل الرسائل وتوسعوا فيه الآن فأطلقوه على أكياس البريد وأصله من وضع الفرس في القرن الخامس قبل الميلاد ثم استعمله الرومان وغيرهم من الأمم ثم استعمل في الإِسلام وأول من استعمله عمر رضي الله عنه، ثم إن معاوية بن أبي سفيان رتبه على أصول مرعوفة ووضع له الخيل وأقام له المحطات، ومنها جمع الناس في صلاة الجنائز، ومنها تمصير الأمصار، ومنها التسمية بأمير المؤمنين، ومنها إقامة الجسور والطرق وحفر الترع وإرشاد الضال. في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له" أي رضي فعله وقبله منه وأثنى عليه. وفي صحيح مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>