للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكراً مذهب الشيعة مظهراً إقامة السنة وبذلك استمال الخاص والجمهور وقال الأمور بتجنيد الجنود لقتال الشيعة ووالى الهزائم على أبي القاسم المذكور حتى استعان بزيري ملك صُنهاجة، ومات أبو القاسم على حصار سوسة سنة ٣٣٤ هـ وبويع لابنه المنصور أبي الطاهر إسماعيل بعهد من أبيه وكان فصيح اللسان بليغاً وتوالت الحروب بينه وبين مخلد المذكور إلى أن ظفر به سنة ٣٣٦ هـ وصلب جلده محشواً قطناً على باب المهدية وبعث بأسطوله لغزو الفرنج فأتيح له فتح لا كفاء له وذلك سنة ٣٤٠ هـ وتوفي في السنة بعدها وهو أول مَن استعمل بني أبي الحسن على ملكة صقلية واتصلت بها أيامهم وفي المدارك اتفق شيوخ القيروان على الخروج على ملوك الشيعة بني عبيد وقتالهم منهم السيائي والخراط وأبو العرب والمميسي والقطان ومروان العابد وبعد الاتفاق وإلقاء الخطب المحرضة على ذلك قصدوا المهدية في جند عظيم وبعد قتال شديد كانت الهزيمة عليهم واستشهد الكثير منهم فمن العلماء والعباد خمس وثمانون منهم ربيع القطان والمميسي. انتهى. وحاصل القول إن هذا الخارجي مخلد المذكور أوهم الناس أنه منتصر للسنة وتبين بعد حروب ومصائب أنه سيىء السيرة خبيث السريرة ولما توفي المنصور بويع لابنه معد أبي تميم المعز وهو مجل بيتهم وواسطة عقدهم فأحسن السيرة ودوّخ البلاد وآمن المخالفين ورسخت قدمه وعظم سلطانه ووجه وزيره جوهراً للغرب الأقصى فمهد أحواله في أخبار شهيرة وكان له نصر وفتح في صقلية سنة ٣٤٥ هـ ثم وجه وزيره جوهر المذكور لمصر في عساكر تفوق الحصر سنة ٣٥٧ هـ وخرج لتوديعه بنفسه ودخل جوهر مصر في شعبان من السنة وشرع في بناء القاهرة وأسس الأزهر ثم وجّه عسكراً استولى على الشام والحجاز واستحث جوهر سيده المعز على القدوم فأجابه لذلك ورحل في ربيع الأنور سنة ٣٦٢ هـ بأمواله وأهله وذخائره وجنوده في احتفال لم يسمع بمثله وصاحبه في رحلته الشاعر المشهور أبو القاسم محمَّد بن هانئ الأندلسي، ومات في الطريق واسنخلف على المملكة أبا الفتوح بلكين وسماه يوسف بن زيري الصنهاجي ولما دخل المعز الإسكندرية تلقاه فقهاؤها وأعيانها بالإجلال ثم دخل مصر في شعبان من السنة واستقر بها قراره وصار له ملك الشرق والمغرب من سوس الأقصى ومضيق سبتة إلى مكة المشرفة ولم يزل عالي الكتب آمن السرب إلى أن توفي سنة ٣٦٥ هـ ومدة ملك الشيعة بالمغرب اثنان وستون سنة.

تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء فضل بن مسلمة وسعدون الخولاني وربيع القطان وأبو العرب تميم والأبياني وابن اللباد والكانيشي والمميسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>