للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على بصيرة من ذلك فنقول: اعلم أن بهذا الفتح رفع الله عن أهالي هذا الوطن النوائب والمصائب والإحن ولسان حالهم يقول: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وذلك أنه لما مهد الوزير سنان الراحة وقطع دابر البغاة والمثيرين للفتن وعزم على الرجوع لدار الخلافة هو وأركان حربه وأمراء أجناده رتب عسكراً لحراسة البلاد وتأمينها وجعل على كل مائة أميراً يسمى الداي ومعناه بالعربية خال كناية عن تعظيم المنادى ورتب أمير لواء لضبط الوطن وجباية المال يسمى الباي ومعناه بالعربية العامل وعين لذلك رمضان باي وجعل النظر في العسكر إلى الآغا ومعناه السيد والنظر العام لحيدر باشا وخطب باسم السلطان سليم ابن السلطان سليمان وضرب السكة باسمه وسافر بعد ذلك لدار الخلافة واستمر الحال على ذلك إلى أن ثار الجند على كبار الديوان سنة ٩٩٩ هـ وطلبوا إقامة داي للنظر في حال عموم العسكر وقدموا أحد أبطالهم إبراهيم رودسلي (آغا) في تلك الخطة نحو الخمس حجج ولم يستقم له أمر وسافر للحج وتولى بعده موسى فمكث سنة وسافر للحج ثم تولى داياً عثمان داي وخرج لتمهيد النواحي وجباية المال ورتب قوانين الرعايا في دفتر سموه بالميزان وباشر الأمور بنفسه وكانت فيه شهامة وسياسة وشجاعة واتخذ الأساطيل وصار في منعة من العدو وله آثار حميدة وكان على عهده طاعون جارف وعلى عهده في سنة ١٠١٧ أهـ والسنة بعدها قدمت الأمم الجالية من الأندلس فأوسع لهم العطاء وأباح لهم السكنى بالحاضرة وبلدان المملكة وبناء القرى في أراض استعمروها فبنوا أكثر من عشرين قرية واغتبط بهم أهل الحاضرة وتعلموا حرفهم وقلدوا ترفهم ولم يزل هذا الداي عزيزاً مطاعاً إلى أن توفي سنة ١٠١٩هـ ودفن بجوار الشيخ أحمد بن عروس وفي خلال مدته ارتفع صيت رمضان باي المذكور وعظمت كفاءته في قمع الثوار وتمهيد الجهات وجباية الأموال واستخلف جماعة على الأعمال وسماهم بيات جمع باي منهم رمضان هذا وحسين باي ومراد باي جد بني مراد الآتي ذكرهم ولما توفي تولى عوضه دايا صهره يوسف وهو مشهور بالفضل والسؤدد وله آثار كثيرة شاهدة بذلك منها جامعه المعروف بجامع سيدي يوسف بسوق الترك ولم يزل حميد الحال حسن السيرة إلى أن توفي سنة ١٠٤٧ هـ عن سن عالية ودفن بجامعه المذكور ورمضان باي المذكور توفي سنة ١٠٢٢هـ وتولى مكانه مراد باي المذكور وكان ذا صرامة وكفاءة ثم سمت همته لرتبة الباشا فراسل في ذلك الدولة العلية فأسعفته وأتاه التقليد ونزل لابنه حمودة عن سفر الإمحال سنة ١٠٤١ هـ وتوفي في هذه السنة ودفن بتربة جوار الشيخ أحمد بن عروس.

<<  <  ج: ص:  >  >>