للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ. وفي سنة ١٢٥٦هـ وجه عنايته للعلم الشريف وإعانة طلابه بما بقي أثره وكتب على صفحات الأيام خبره فاشترى كتباً كثيرة لها بال وأضاف لها كتب آله الموضوعة بخزائن أسلافه وأمر شيوخ المجلس الشرعي والعلماء بالحضور بجامع الزيتونة لقبولها ولما وصلت تولى العلماء تطبيقها على أسمائها وجعل برنامج لها ثم وضعت في خزائنها العشرين زين بها صدر الجامع على يمين المحراب وشماله وكتب على كل مجلد منها رسم تحبيسه وأباح للمنتفع به إخراج الكتاب من موضعه مدة عام فقط ورتب لها وكيلين يأتي كل أحد منهما إلى الجامع على التناوب لمناولة الطلبة ما يحتاجونه وفي رمضان سنة ١٢٥٨هـ رتب ثلاثين مدرساً بهذا الجامع نصفهم من الحنفية ونصفهم من المالكية وعين لهم جراية من بيت المال كما رتب اثني عشر مدرساً ست حنفية وست مالكية هم دون الرتبة الأولى في المرتب على أن يقرىء كل واحد منهم بالجامع درسين في أي فن وفي أي وقت تيسر ومن تخلف من غير عذر شرعي لا يستحق المرتب أيام تخلفه إلا يومي الخميس والجمعة وشهر رمضان وأيام العيدين وجعل النظر في ذلك لشيخي الإِسلام الحنفي والمالكي والقاضيين الحنفي والمالكي وعين لهم جراية من بيت المال بشرط أن يأتي كل واحد من الأربعة يوماً إلى الجامع لتحريض المتكاسل وكتب في ذلك منشوراً بالذهب وعلقه عند باب الشفا من الجامع وميز هؤلاء المدرسين بأن يأتوا في الأعياد مجتمعين يؤمهم كبير أئمة الجامع ويقبلهم بعد أهل المجلس الشرعي ولم يزل يوجه إليهم العناية حتى ظهر العلم وتجدد شبابه وسال سيله وعبّ عبابه وانفتح للاجتهاد بابه وظهر بالحاضرة أعلام جلة نجوم أهلة من حنفية ومالكية هم شموس ويدور تتجمل بهم المحافل والصدور. وفي ذي القعدة سنة ١٢٦٢هـ توجه لباريس وكان الاحتفال به هناك عظيماً ورجع لتونس في محرم سنة ١٢٦٣هـ وفي السنة بعدها منحت دولة فرنسا إدخال السلك البرقي للمملكة التونسية على شروط انعقدت بينهم في ذلك ولما وقعت الدولة العثمانية في الحرب مع الروس جهز لها آلافاً من العسكر النظامي بجميع لوازمهم وجهها إعانة لخليفة الإِسلام على عهد السلطان عبد الحميد خان. وهو أول من اتخذ من ملوك هاته الدولة عمل المولد النبوي بإحياء ليلته والحضور لقراءته صباحاً بجامع الزيتونة في شارة عظيمة وحفل فخيم وهو عمل مشكور وكان شهماً حازماً ذا صولة عظيمة يعطي العطايا السنية ولم يزل في صولته ساعياً في تضخيم دولته إلى أن أصابه فالج ثم وافته المنية في رمضان سنة ١٢٧١هـ وانعقدت البيعة بوفاته لابن عمه المولى لمشير محمد ابن المولى حسين باشا ابن محمود باشا نشأ هذا في عز دولتي جده وأبيه. وفي ذي الحجة سنة ١٢٧٢هـ رجعت عساكر

<<  <  ج: ص:  >  >>