للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى، وإذا هاجت نار الحسد في نفسه أدركتها النصيحة مع توفيق الله عز وجل، وإذا هاجت في نفسه نار الحرص أدركتها القناعة مع عون الله عز وجل (١).

قال ابن الحاج: من أراد الرفعة فليتواضع لله تعالى، فإن العزة لا تقع إلا بقدر النزول، ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أصل الشجرة صعد إلى أعلاها؟ فكأن سائلاً سأله: ما صعد بك هنا، أعني في رأس الشجرة وأنت تحت أصلها؟ ! فكأن لسان حاله يقول: من تواضع لله رفعه (٢).

والفرق بين التواضع والمهانة: أن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عمله وآفاتها، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع، وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى له على أحد فضلاً ولا يرى له عند أحد حقًا، بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله، وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه.

أما المهانة: فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها، كتواضع السفل في نيل شهواتهم، وتواضع


(١) الإحياء ٣/ ٣٦٢.
(٢) المدخل لابن الحاج ٢/ ١٢٢.

<<  <   >  >>