للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب المنازل:

التواضع: أن يتواضع العبد لصولة الحق.

يعني: أن يتلقى سلطان الحق بالخضوع له، والذل، والانقياد، والدخول تحت رقه بحيث يكون الحق متصرفًا فيه تصرف المالك في مملوكه. فبهذا يحصل للعبد خلق التواضع. ولهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الكبر بضده فقال: «الكبر بطر الحق، وغمط الناس».

«فبطر الحق» رده وجحده، والدفع في صدره؛ كدفع السائل. و «غمط الناس» احتقارهم وازدراؤهم. ومتى احتقرهم وازدراهم دفع حقوقهم، وجحدها، واستهان بها.

ولما كان لصاحب الحق مقال وصولة كانت النفوس المتكبرة لا تقر له بالصولة على تلك الصولة التي فيها، ولا سيما النفوس المبطلة فتصول على صولة الحق بكبرها وباطلها. فكان حقيقة التواضع: خضوع العبد لصولة الحق، وانقياده لها، فلا يقابلها بصولته عليها (١).

ولعظم عقوبة التكبر والخيلاء حتى في أمر يراه الناس يسيرًا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» (٢).

وفي الحديث الآخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة من


(١) مدارج السالكين، ص ٣٤٦.
(٢) رواه البخاري.

<<  <   >  >>