للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يروى عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأته فقيل له: ما الذي يريبك فيها؟ فقال: العاقل لا يهتك ستر امرأته، فلما طلقها قيل له: لم طلقتها؟ فقال: مالي ولامرأة غيري (١).

سبحان الله ما أعظم إيمانهم وما أصدق سرائرهم وما أحفظ ألسنتهم لو لحظت الأمر اليوم كيف حال النساء وسوء عشرتهن وإيذائهن وظلمهن قبل الطلاق وبعده. لرأيت اختلال الموازين ونقص المكاييل.

أخي الحبيب:

رأيت المعافى لا يعرف قدر العافية إلا في المرض، كما لا يعرف شكر الإطلاق إلا في الحبس.

وتأملت على الآدمي حالة عجيبة، وهو أن تكون معه امرأة لا بأس بها إلا أن قلبه لا يتعلق بمحبتها تعلقا يلتذ به. ولذلك سببان:

أحدهما: أن تكون غير غاية في الحسن.

والثاني: أن كل مملوك مكروه، والنفس تطلب ما لا تقدر عليه.

فتراه يضج ويشتهي شيئًا يحبه أو امرأة يعشقها، ولا يدري أنه إنما يطلب قيدًا وثيقًا يمنع القلب من التصرف في أمور الآخرة أو في أي علم أو عمل، ويخبطه في تصريف الدنيا، فيبقى ذلك العاشق أسير المعشوق، همه كله معه.


(١) الإحياء ٢/ ٦٤.

<<  <   >  >>