للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو تبصر الإنسان في من حوله لوجدهم بين أمرين وفي أحد حالين: إما سراء أو ضراء ولكن النفوس البشرية تغفل عن فتنة السراء ولا ترى إلا فتنة الضراء وهى الظاهرة في شكاوى البشر .. فما من إنسان إلا له ألمٌ أو فجيعةٌ أو هم أو غم أو نكد, ولا يكاد يمر يوم في هذه الدنيا دون تنكيد وتنغيص قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (١).

قيل في تفسير هذه الآية: يكابد أمراً من أمر الدنيا وأمراً من أمر الآخرة وفي رواية يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة (٢).

عن عبد الملك بن أبحر قال: ما من الناس إلا مبتلى بعافية, لينظر كيف شُكره أو مبتلى ببلية لينظر صبره (٣).

أما نعمة الضراء .. فاحتياجها إلى الصبر ظاهر, وأما نعمة السراء فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها, فإن فتنة السراء أعظم من فتة الضراء (٤).

والفقر يصلح عليه خلق كثير, والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم, ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين, لأن فتنة الفقر أهون, وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر, لكن لما كان في السراء اللذة وفي الضراء الألم اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في


(١) سورة البلد: ٤.
(٢) تفسير ابن كثير ٤/ ٥١٣.
(٣) حلية الأولياء. ٥/ ٨٥.
(٤) الفتاوى ١٤/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>