للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنكر لي دهري ولم يدر أنني

أغر وأحداث الزمان تهون ... وظل يريني الدهر كيف اغتراره

وبت أريه الصبر كيف يكون (١)

فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين: إما أن يقول أحدهم: آمنا وإما أن لا يقول آمنا, بل يستمر على عمل السيئات, فمن قال: آمنا, امتحنه الرب عزّ وجل وابتلاه, وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب, ومن لم يقل: آمنا, فلا يحسب أنه يسبق الرب لتجربته, فإن أحداً لن يعجز الله تعالى, هذه سنته تعالى يُرسل الرسل إلى الخلق فيكذبهم الناس ويؤذونهم قال تعالى:

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}.

وقال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}. وقال تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} ومن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه, فابتلي بما يؤلمه, وإن لم يؤمن بهم عوقب فحصل له ما يؤلمه أعظم وأدوم, فلا بد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أم كفرت, لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً, ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة, والكافر تحصل له النعمة ابتداءً ثم يصير في الألم (٢).


(١) البداية والنهاية ١١/ ١٩٠.
(٢) الفوائد لابن القيم ٢٦٩.

<<  <   >  >>