للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الفضيل: إن الله -عز وجل- ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير (١).

وقال رحمه الله: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يُعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة, وحتى لا يحب أن يُحمد على عبادة الله (٢).

وسأل رجلٌ الإمام الشافعي فقال: يا أبا عبد الله, أيما أفضل للرجل أن يُمكن أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمكن حتى يُبتلى, فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, فلما صبروا مكنَّهم, فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة (٣).

وجعل الإمامة في الدين موروثة عن الصبر واليقين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٤).

والمصائب -أخي الكريم- تتفاوت ولكن أعظمها المصيبة في الدين, فهي أعظم مصائب الدنيا والآخرة, وهى نهاية الخسران الذي لا ربح معه, والحرمان الذي لا طمع معه (٥).

إذا أبقت الدنيا على المرء دينه ... فما فاته منها فليس بضائر

وأصل كلمة الصبر هو المنع والحبس, فالصبر حبس النفس عن


(١) الإحياء. ٤/ ١٣٩.
(٢) السير. ٨/ ٤٣٤.
(٣) الفوائد ٢٦٩.
(٤) مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٩.
(٥) تسلية أهل المصائب. ٢٤.

<<  <   >  >>