للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعض السلف متعجباً ممن يعصي الله عز وجل كيف يرزقه الكريم الحليم, فقال: عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يرزق؟ !

أين نحن من هؤلاء:

لم تكن الدنيا أكبر همهم ومبلغ سعيهم, فلم تلههم, كانوا يعرفون نعم الله عز وجل الأخرى, وأعظمها وأهمها, وأكملها وأتمها نعمة الإسلام, ثمَّ نعمة الصحة والعافية, والأمن في الأوطان: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤].

عن الحسن بن صالح قال: ربَّما أصبحت ما معي درهم, وكأن الدنيا كلها قد حيزت لي (١).

ولقد كان ارتباطهم بالله عز وجل قوياً, وخوفهم من المعاصي شديداً, ولهذا يرون أثر المعاصي لقلتها في دوابهم وزوجاتهم وأبنائهم!

فقد أغلظ رجل لوكيع بن الجراح, ثم دخل وكيع بيتاً فعفر وجهه بالتراب, ثم خرج إلى الرجل فقال زد وكيعاً بذنبه, فلولاه ما سُلطت عليه (٢).

وكان المال وسيلة عندهم, والمآل والمنتهى والمطلب هو جنة عدن, ولهذا تدور إجاباتهم وهمومهم على الآخرة, فهى غاية


(١) تذكرة الحفاظ ١/ ٢١٧.
(٢) تاريخ بغداد ١٣/ ٥٠٣.

<<  <   >  >>