للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطنه من الطعام.

ثم قال: ولو لم يكن من الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله عز وجل وإذا غفل القلب عن الذكر ساعة واحدة جثم عليه الشيطان, ووعده ومنَّاه, وشهَّاه, وهام به في كل واد, فإن النفس إذا شبعت تحركت, وجالت, وطافت على أبواب الشهوات, وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت (١).

ومع كثرة ما حبانا الله عز وجل به من النعم الكثيرة والخيرات العظيمة احذر ايها الحبيب أن تكون ممن قال عنهم بلال بن سعد: رُبَّ مسرور مغبون, يأكل ويشرب ويضحك, وقد حُقَّ له في كتاب الله عز وجل أنه من وقود النار (٢).

أفلح الزاهدون والعابدون ... إذ لمولاهم أجاعوا البطونا

أسهروا الأعين العليلة حباً ... فانقضى ليلهم وهم ساهرونا (٣)

قال المروزي: قال لي رجل: كيف ذاك المتنعم؟ (أحمد بن حنبل) قلت له: وكيف هو متنعم؟ قالك أليس يجد خبزاً يأكل وله امرأة يسكن إليها ويطأها؟ فذكرت ذلك لأبي عبد الله فقال: صدق, وجعل يسترجع فقال: إنا لنشبع (٤).

وتأمل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعين فاحصة وقلب واع: "من


(١) بدائع الفوائد ٢/ ٢٧٣.
(٢) صفة الصفوة ٤/ ٢١٨.
(٣) الإحياء ١/ ٣٦٦.
(٤) جامع العلوم والحكم, ص ٥١٧.

<<  <   >  >>