للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإكثار على مقدار الكفاية؛ فهو ممنوع منه في العقل والشرع, لأن تناول ما زاد على الكفاية, نهَمٌ معر, وشر مضر.

أما النوع الثاني: فهو شهوة الأشياء اللذيذة, ومنازعة النفوس إلى طلب الأنواع الشهية, فمذاهب الناس في تمكين النفس منها مختلفة, فمنهم من يرى أن صرف النفس عنها أولى, وقهرها عن اتباع شهواتها أحرى, ليذل له قيادها, ويهون عليه عنادها, لأن تمكينها وما تهوى, بطر يطغى, وأَشَر يردي, لأن شهواتها غير متناهية, فإذا أعطاها المراد من شهوات وقتها, تعدَّتها إلى شهوات قد استحدثتها, فيصير الإنسان أسير شهوات لا تنقضي, وعبد هوى لا ينتهي. ومن كان بهذه الحال لم يُرْجَ له صلاح, ولم يوجد فيه فضل.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى: فالذين يقتصدون في المأكل نعيمهم بها أكثر من المسرفين فيها, فإن أولئك إذا أدمنوها وألفوها لا يبقى لها عندهم كبير لذةٍ, مع أنهم قد لا يصبرون عنها, وتكثر أمراضهم بسببها.

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته ... لتطلب الربح مما فيه خسران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان (١)


(١) أدب الدنيا والدين, ص ٣٣٥.

<<  <   >  >>