للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهه وهو يهلل ويكبر، فأخذها وجعل يقلبها في يده، ثم قال: أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أني ما مشيت بل إلى حرام، ولا إلى معصية ولا إلى ما لا يرضي الله، ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفنت في قطيفة، ثم بعث بها إلى مقابر المسلمين، فلما قدم من عند الوليد إلى المدينة تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه يعزونه، فجعل يقول: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبنا، ولم يزد عليه، ثم قال: لا أدخل المدينة إنما أنا بها بين شامت بنكبة، أو حاسد لنعمة، فمضى إلى قصر بالعقيق فأقام هنالك.

فلما دخل قصره قال له عيسى بن طلحة: لا أبًا لشانئيك أرني هذه المصيبة التي نعزيك فيها، فلما كشف عن ركبه فقال له عيسى: أما والله ما كنا نعدك للصراع، قد أبقى أكثرك، عقلك ولسانك وبصرك ويداك وإحدى رجليك، فقال له: يا عيسى، ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به.

ولما أرادوا قطع رجله قالوا له: لو سقيناك شيئا كيلا تشعر بالوجع فقال: إنما ابتلاني ليرى صبري، أفاعأرض أمره (١).

وقال مسلمة بن محارب: وقعت في رجل عروة بن الزبير الأكلة وقطعت ولم يدع تلك الليلة ورده وقطعت ولم

يمسكه أحد (٢).


(١) عدة الصابرين (١٢٥) وانظر البداية والنهاية (٩/ ١١٤).
(٢) صفة الصفوة (٢/ ٨٦).

<<  <   >  >>