للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيهما يؤخذ بي (١).

وقالت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان امرأة عمر بن عبد العزيز: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول: اللهم أخفِ عليهم موتي ولو ساعة من نهار، فلما كان اليوم الذي قبض فيه، خرجت من عنده فجلست في بيت آخر وبيني وبينه باب وهو في قبة له فسمعته يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} سورة القصص، الآية: ٨٣.

ثم هدأ فجعلت لا أسمع حركة ولا كلامًا، فقلت لوصيفٍ له: انظر أنائمٌ هو؟ فلما دخل صاح، فوثبت فإذا هو ميت (٢).

الله أكبر ما أسرع قدوم تلك اللحظات إلينا {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} نعم أينما اتجهنا ومهما اختفينا فإنه ملاقينا يومًا ما .. ولو قيل إنه سيقدم علينا بعد مئات السنين لأهمنا نقص اليوم والليلة لأن ذلك يقربنا إليه ويدنينا منه وكيف وأعمارنا دون المائة وتقارب الستين .. بل وربما نؤخذ ونحن في زهرة الشباب أو دون ذلك.

ولكن أين الاستعداد للرحيل .. والاستعداد لملاقاته؟ ثم والله ما بعده من السؤال في تلك الحفرة الضيقة ثم الفزعات والأهوال يوم


(١) العاقبة: (١٣٥).
(٢) حلية الأولياء: (١/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>