للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان استعدادهم للموت استعداد من لا يعلم متى يرحل فلم يلهه الأمل ولم يثنيه بُعد الأجل .. كانت معاذة العدوية إذا جاء النهار قالت: هذا يومي الذي أموت فيه، فما تنام حتى تُمسي، وإذا جاء الليل قالت: هذه ليلتي التي أموت فيها، فلا تنام حتى تُصبح (١).

وقال أبو المنذر إسماعيل بن عمر: دخلنا على ورقاء بن عمر بن كليب وهو يموت فجعل يكبر ويهلل ويَذكُر الله، فلما كَثُر الناس قال لابنه: اكفني رد السلام لا يشغلوني عن ربي (٢).

إن الطبيب بطبه ودوائه ... لا يستطيع دفاع مكروه أتى

ما للطبيب يموت بالداء الذي ... قد كان يُبري منه فيما قد مضى

ذهب المُداوي والمَداوى والذي ... جلب الدواء وباعه ومن اشترى

لما نزل الموت بحذيفة بن اليمان قال: حبيبٌ جاء على فاقةٌ .. قد كنت قبل اليوم أخشاك وأنا اليوم أرجوك (٣).

وبكى الحسن رضي الله عنه بكاءً شديدًا، فقيل له: يا أبا سعيد ما يبكيك؟ فقال: خوفًا من أن يطرحني في النار ولا يبالي (٤).

وقال سليمان التيمي: دخلت على بعض أصحابنا وهو في النزع، فرأيت من جزعه ما ساءني، فقلت له: هذا الجزعُ كُله لماذا؟ وقد كُنت -بحمد الله- على حالة صالحة؟ فقال: ومالي لا أجزع وما


(١) صفة الصفوة: (٤/ ٢٢).
(٢) تذكرة الحفاظ: (١/ ٢٣٠).
(٣) العاقبة: (١٤٦).
(٤) الزهر الفائح: (٩١).

<<  <   >  >>