للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما في هذه الآية أمران: الريح والجنود التي لم تُرَ. أما الريح فقد روى

البخاري ومسلم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نُصرت بالصَّبا، وأُهلكت عاد بالدبور (٥) "، قال الحافظ في (الفتح): "وروى أحمد من حديث أبي سعيد قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله، هل من شيء نقوله، قد بلغت القلوب الحناجر، قال: نعم، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا. قال: فضرب الله وجوه أعدائنا بالريح، فهزمهم الله عَزَّ وَجَلَ بالريح". ثم قال: "وعُرف بهذا وجه إيراد المصنف هذا الحديث هنا، وأن الله نصر نبيه في غزوة الخندق بالريح (٦) " ا. هـ والحديث الذي أورده الحافظ فيه ضعف لأن في سنده رُبَيْح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد وهو ضعيف. وقد صحَّح الشيخ الألباني الدعاء دون القصة. (٧)

وأما الجنود التي لم تُرَ، فهي الملائكة كما ذكر المفسرون، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في نصر المؤمنين في ثلاثة مواضع، موضعان منها في سورة التوبة، أحدهما عن غزوة حنين: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} والآخر عند الهجرة: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ... } والثالث في سورة الأحزاب، وقد سبق. وقد فُسِّرت الجنود بالملائكة في هذه المواضع الثلاثة، وقد مضى في قصة نسيج العنكبوت على فم الغار الحديث عن الآية الثانية: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ... }


(٥) البخاري، باب غزوة الخندق، الفتح ٧/ ٣٩٩. مسلم كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور (٦/ ١٩٧ نووي).
(٦) فتح الباري (٧/ ٤٠٢).
(٧) السلسلة الصحيحة. حديث رقم (٢٠١٨).

<<  <   >  >>