للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صرّح بالتحديث لما أرسلت قريش سهيل بن عمرو، مما يدل على أنه لم يسمع أوله من الزهري. وربما يُقال بتقوي أحد الطريقين بالآخر.

وقد ورد سبب أخر للبيعة ذكره البيهقي في (الدلائل) بسنده عن عمرو بن خالد قال: حدثني ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الأسود، قال عروة بن الزبير في نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية: " ... ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو وحويطب عبد العزى ومكرز بن حفص، ليصلحوا عليهم، فكلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوه إلى الصلح والموادعة، فلما لان بعضهم لبعض وهم على ذلك لم يستقم لهم ما يدعون إليه من الصلح والموادعة، وقد أمن بعضهم بعضًا، وتزاوروا، فبينما هم كذلك وطوائف من المسلمين في المشركين لا يخاف بعضهم بعضًا ينتظرون الصلح والهدنة، إذا رمى رجل من أحد الفريقين رجلًا من الفريق الآخر، فكانت معاركة وتراموا بالنبل والحجارة، وصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل واحد من الفريقين من فيهم، فارتهن المسلمون سهيل بن عمرو، ومن أتاهم من المشركين، وارتهن المشركون عثمان بن عفان ومن كان أتاهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيعة ... ".

وهذا السند فيه علتان:

ابن لهيعة، وهو ضعيف، والإرسال، فعروة بن الزبير تابعي لم يدرك القصة، ولم يسندها من هذا الوجه، وإلا فقد روى البخاري في صحيحة من طريق عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قصة الغزوة، والمكاتبة بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسهيل بن عمرو (٦) كما أن رواية البيهقي ليس فيه إشاعة قتل عثمان، وإنما أن الفريقين ارتهن كل منهما من عنده من الطرف الآخر، لما حصلت المراماة بينهما.


(٦) البخاري. كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط (٥/ ٣٢٩ فتح). وفي المغازي باب غزوة الحديبية (٧/ ٤٥٣ فتح).

<<  <   >  >>