للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[محاولة التردي من شواهق الجبال]

روى الإِمام البخاري -رحمه الله- في كتاب التعبير من صحيحه (باب أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة) ثم ذكر بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - كيف نزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول مرة. وفي آخر الحديث: "وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل فقال: يا محمَّد إنك رسول الله حقًا، فيسكن لذلك جأشه وتقرّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك" (١).

قال الحافظ -رحمه الله- في (الفتح): "وقوله هنا (فترة حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا) هذا وما بعده من زيادة مَعْمَر على رواية عقيل ويونس، وصنيع المؤلف يوهم أنه داخل في رواية عُقيل .. والذي عندي أن هذه الزيادة خاصة برواية مَعْمَر، فقد أخرج طريق عُقيل أبو نُعيم في مستخرجه .. بدونها، وأخرجه مقرونًا هنا برواية معمر وبيّن أن اللفظ لمعمر، وكذلك صرّح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر، وأخرجه أحمد ومسلم والإسماعيلي وغيرهم وأبو نعيم أيضًا، من طريق جمعٍ من أصحاب الليث عن الليث بدونها. ثم إن القائل: "فيما بلغنا" هو الزهري ... وهو من بلاغاته وليس موصولًا. وقال الكرماني: هذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور، ووقع عند ابن مردويه في التفسير من طريق محمَّد بن كثيرعن مَعْمر بإسقاط قوله "فيما بلغنا" ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزنا غدا منه" إلى آخره فصار كله مدرجًا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة، والأول هو المعتمد" (٢).


(١) (١٢/ ٣٥١ - ٣٥٢) فتح الباري.
(٢) (١٢/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>