للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا؛ إلا بلالاً؛ فإنه هانت عليه نفسه في الله تعالى، وهان على قومه، فأخذوه، فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب (مكة) وهو يقول: أحد أحد" (١).

ثانياً: عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بعمار وأهله وهم يعذبون، فقال: "أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة" (٢).

عباد الله! وفي عمار بن ياسر - رضي الله عنه - ومن مثله أنزل الله -عز وجل-: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)} [النحل: ١٠٦]، فهؤلاء كانوا معذورين بما حصل لهم من الإهانة والعذاب البليغ (٣).

ثالثاً: وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوماً، فمرّ به رجل، فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله، لوددنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت، فاستغضب، فجعلت أعجب! ما قال إلا خيراً! ثم أقبل إليه فقال: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضراً غيبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه!؟ والله؟ لقد حضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوامٌ أكبهم الله على مناخرهم في جهنم، لم يجيبوه ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدِّقين لما جاء به نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم؟! والله؟ لقد بعث الله


(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٥٤).
(٢) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٥٤).
(٣) صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٥٥).