للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! في هذه الآية الكريمة: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ} يثني ربنا جل وعلا على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى الصحابة الكرام، ففي قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ}: يخبرنا ربنا جل وعلا عن محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أنه رسوله حقاً بلا شك ولا ريب، وهو خاتم الرسل والأنبياء فلا نبي بعده ولا رسول بعده.

وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ثناء من الله تعالى على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعاملهم مع الكفار بالشدة، ومع المؤمنين بالرحمة والعطف، فالكافر الذي هو عدو لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - يُعَامَلُ بشدةٍ وغلظةٍ، والمؤمن الذي رضي بالله رباً وبالإِسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً يُعَامَلُ بالعطف والرحمة والمحبة والحنان.

كيف لا، والله -عز وجل- يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.

عباد الله! الإخوة رابطة قوية، تربط المؤمنين بعضهم ببعض.

ويبين - صلى الله عليه وسلم - شدة هذه الرابطة.

فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبك بين أصابعه (١).

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (٢).

فإذا نظرنا يا عباد الله! إلى أحوال المسلمين الآن، فإنه ينطبق علينا العكس تماماً إلا من رحم ربي، رحماء مع الكفار أشداء فيما بيننا و"إنا لله وإنا إليه راجعون".


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٤٨١)، ومسلم (رقم ٢٥٨٥).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٦٠١١)، ومسلم (رقم ٢٥٨٦).