للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يروى في سبب إسلامه - رضي الله عنه - أن جارية عيَّرته بإيذاء أبي جهل لابن أخيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فتوجه إليه وغاضبه وسبه وقال له: كيف تسب محمداً وأنا على دينه، فشجه شجة منكرة، فكان إسلامه في بداية الأمر أنفة، ثم شرح الله صدره بنور اليقين، حتى صار من أفاضل المؤمنين" (١).

وعن محمَّد بن كعب القرظي قال: كان إسلام حمزة - رضي الله عنه - حمية، وكان يخرج من الحرم فيصطاد، فإذا رجع مرَّ بمجلس قريش، وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة، فيمر بهم فيقول: رميت كذا وكذا وصنعت كذا وكذا ثم ينطلق إلى منزله، فأقبل من رميه ذات يوم فلقيته امرأة فقالت: ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل، شتمه وتناوله وفعل وفعل، فقال: هل رآه أحدٌ؟ قالت: إي والله لقد رآه الناس، فأقبل حتى انتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة، فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم، فاتكأ على قوسه، وقال: رميت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا، ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها بين أذني أبي جهل فدق سنتها، ثم قال: خذها بالقوس، وأخرى بالسيف، أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه جاء بالحق من عند الله قالوا: يا أبا عمارة إنه سب آلهتنا، وإن كنت أنت- وأنت أفضل منه- ما أقررناك وذاك، وما كنت يا أبا عمارة فاحشاً" (٢).

عباد الله! ثم شرح الله صدر حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - للإسلام وثبت عليه، فعلمت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه


(١) رواه ابن إسحاق (١/ ٣٠٤).
(٢) قال الهيثمي: رواه الطبراني مرسلاً ورجاله رجال الصحيح "مجمع الزوائد" (٩/ ٢٦١).