للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من الشعب، وقد أنهكهم الجوع، وأصابهم الضيق والشدة والبلاء، كل ذلك ببغي قريش وظلمها والله -عز وجل- يقول: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠].

فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله على قريش أن يصيبهم بمثل ما أصابهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم سبعٌ كسبع يوسف".

أي سبع سنين جدباً، وفي رواية "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف" (١).

فأخذتهم سنة، محت كل شيء، حتى أكلوا أوراق الشجر والميتة والجيفة، وكان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى الدخان من شدة الجوع، فلم يجدوا بداً من أن يأتوا رسول - صلى الله عليه وسلم - ويسألونه أن يدعو الله ليفرج كربهم، فدعا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث ورفع الله ما نزل بهم.

عباد الله! إنها أخلاق النبوة

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إدباراً قال: "اللهم! سبع كسبع يوسف" فأخذتهم سنة، حتى أكلوا الميتة والجلود والعظام، فجاء أبوسفيان، وناس من أهل (مكة)، فقالوا: يا محمَّد! إنك تزعم أنك بُعثت رحمة، وإن قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث" (٢).

عباد الله! وما أن خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشعب حتى فاجأ المرض أبا طالب


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ١٠٠٧)، ومسلم (رقم ٢٧٩٨).
(٢) صحيح، انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ٢٢٧).