للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وكفار قريش يقابلون ذلك بالاعتداءات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. ولم يأذن الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يقابل السيئة بالسيئة، أو يواجه الأذى بالأذى، أو يحارب الذين حاربوا الدعوة، أو يقاتل الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، ولكن قال له: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦)} [المؤمنون: ٩٦].

وذلك يا عباد الله! حتى لا يصطدم المسلمون مع الكفار في بداية الدعوة، فيؤثر ذلك على دعوة الإِسلام.

عباد الله! النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة يربي أصحابه على العفو والصبر والصفح، وينهاهم عن قتال الكفار قبل مشروعية القتال.

ومن الأمثلة على ذلك:

١. كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يمر على أصحابه وهم يعذبون فيقول لهم: "صبراً آل ياسر،

فإن موعدكم الجنة" (١).

٢. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة- يريدون بذلك أن يأذن لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقاتلوا الكفار- فقال: "إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا .. " (٢).

٣. وعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد


(١) قال الشيخ الألباني في التعليق على "فقه السيرة" (ص ١٠٧) "حديث حسن صحيح".
(٢) "صحيح سنن النسائي" (٢٨٩١).