للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال- صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" (١).

عباد الله! وحافظ النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون على هذه المعاهدة، ولم يأت من المسلمين ما يخالف حرفاً واحداً من نصوصها، ولكن اليهود الذين ملأوا تاريخهم بالغدر والخيانة ونكث العهود؛ لم يلبثوا أن تمشوا مع طبائعهم القديمة، فغدروا وخانوا، ونقضوا العهود والمواثيق بعد أن نصر الله المسلمين في بدرٍ.

وكان أول مَنْ غَدَرَ يهودُ بني قينقاع، وكان ذلك بعد غزوة بدرٍ الكبرى بشهرٍ واحد، ثم غدرت بنو النضير بعد غزوة بدرٍ بستة أشهر، كما ذكر الإِمام البخاري في "صحيحه"، ثم غدرت بنو قريظةَ في غزوة الأحزاب، فعاقبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعقاب الذي يليق بهم وبغدرهم {جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦){وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير، وَأَقَرَّ قريظة ومنَّ عليهم؛ حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا أن بعضهم، لحقوا بالنبي- صلى الله عليه وسلم - فأمَنَهُم وأسلموا، وأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود المدينةُ كلهم بني قينقاع (وهم قوم عبد الله بن سلام)، ويهود بني حارثة، وكل يهوديٍّ كان في المدينة (٢).


(١) رواه البخاري (رقم ٣١٦٦).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٠٢٨)، ومسلم (رقم ١٧٦٦).