للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصفاد، والغنائم بين يديه، فأسلم فريق من المشركين واليهود ظاهراً، وقلوبهم تغلي حقداًَ وحسداً وكفراً، وعلى رأس هؤلاء عبد الله بن أبي بن سلول، وفريق آخر سلك أسلوب الدسِّ والنفاق والغدر والتمرد.

عباد الله! كفار مكة بعد هزيمتهم في بدر، يفكرون في الانتقام من محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولكنهم يريدون أن يكون ذلك عن طريق اليهود في المدينة، فأرسلوا إليهم تهديداً، إذا لم تقتلوا محمداً فعلنا بكم كذا وكذا.

فلما وصل ذلك لليهود في المدينة بدأ الغدر، ونقض العهود والمواثيق والخيانة، وأول من نقض العهد يهود بني قينقاع.

عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجلٍ من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -: "أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدرٍ إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتُقاتلُنَّ صاحبنا -أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحولُ بيننا وبين خدم نسائكم شيء- وهي الخلاخيل .. " (١).

عباد الله! لما وصل الكتاب إلى اليهود في المدينة أجمعوا على الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأولُ من نقض العهد وغدر؛ هم يهود بني قينقاع، وكانوا يسكنون داخل المدينة -في حي باسمهم- وكانوا صاغة وحدادين، وكانت عندهم خبرةٌ بالقتال وصنع السلاح، وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة مقاتل.

عباد الله! وبعد أن نصر الله المسلمين في بدرٍ أخذ يهود بني قينقاع يثيرون الشغب، ويتعرضون بالسخرية، ويواجهون بالأذى كل مَنْ ورد سوقهم من


(١) "صحيح سنن أبي داود" (٢٥٩٥).