للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شعره، ولم يرض بهذا القدر حتى ركب إلى قريشٍ، فنزل على أحد أشرافهم وجعل ينشد الأشعار، يبكي فيها على أصحاب القليب من قتلى المشركين، يُثيرُ بذلك حفائِظهم، ويزكي حقدهم على النبي- صلى الله عليه وسلم -، ويدعوهم إلى حربه، وعندما كان بمكة سأله أبو سفيان والمشركون: أديننا أحب إليك أم دين محمَّد وأصحابه؟ وأي الفريقين أهدى سبيلاً؟ فقال عدو الله: أنتم أهدى منهم سبيلاً وأفضل، وفي ذلك أنزل الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢)} [النساء: ٥١ - ٥٢].

ثم رجع كعب بن الأشرف اليهودي إلى المدينة على تلك الحال، وأخذ يشبب -أي يتغزل- في أشعاره بنساء الصحابة، ويؤذيهم بصلاقة لسانه أشد الإيذاء.

عباد الله! عندها قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: مَنْ لكعب بن الأشرف؟ فإنه آذى الله ورسوله، قال محمَّد بن مسلمة - رضي الله عنه -، أنا يا رسول الله.

عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى قصة قتل هذا المجرم- كعب بن الأشرف اليهودي- الذي آذى الله ورسوله، ومكر بالمسلمين مكراً سيئاً، لتعلموا أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ ".

فقام محمَّد بن مسلمة - رضي الله عنه - فقال: أنا يا رسول الله! أتحب أن أقتلهُ؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم".