للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا -ورؤيا الأنبياء حق وهي من الوحي- حكاها لأصحابه فقال: "رأيتُ في رؤياي أني هززت سيفاً فانقطع صدره، فإذا هو ما أُصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد كأحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقراً -والله خيرٌ - فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد .. " (١).

عباد الله! فلما شاور النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أشار عليه الشباب ومن حُرِمَ من شهود بدرٍ وغلبهُ الشوق إلى الجهاد وملاقاة العدو بالخروج إليهم -وهم الذين يتشوقون إلى الاستشهاد-، وكان من رأيه- صلى الله عليه وسلم - ورأي الشيوخ وكذلك عبد الله بن أُبي ابن سلول المكوث في المدينة، ومقاتلتهم إذا دخلوها من الأزقة ومن أسطح البيوت.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقراً منحرةً، فأوَّلت أن الدرع الحصينة المدينة، وأن البقر هو والله خير".

ثم قال لأصحابه: "لو أنا أقمنا بالمدينة، فإذا دخلوا علينا فيها قاتلناهم فقالوا: يا رسول الله، والله ما دُخِلَ علينا فيها في الجاهلية، فكيف يُدْخَلُ علينا فيها في الإِسلام؟ ".

فقال: "شأنكم".

ثم دخل - صلى الله عليه وسلم - فلبس لأمتهُ -أي لباس القتال- فقالت الأنصار: رددنا

على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيه، فجاءوا فقالوا: يا نبي الله شأنُكَ إذاً -أي الرأيُ


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٦٢٢)، ومسلم (رقم ٢٢٧٢).